المحامي أحمد الرجوب 0933491941 -5750585
الحق والقانون
إن كلمة الحق ذات مضمون واسع,وتشمل جوانب متعددة ومدلولات كبيرة.
فتطرب لها الآذان ,ويتحرك لها الوجدان,ويطمئن لها قلب الإنسان ,ولا تتغير بتغير الزمان والمكان.
فهي اسم من أسماء الله الحسنى,وشعاراً اتخذه القضاء مقروناً بالعدل(الحق والعدل)وهي تعبر عن روح المحاماة مقرونة بالعروبة(الحق والعروبة),و.....
ولعلنا هنا نود الإشارة إلى المعنى الذي يربط الحق بالقانون.
والقانون بالمفهوم الواسع الذي لا يقتصر على النصوص التشريعية ,بل على كل حق ناشئ عن نص قانوني, أو مبدأ ديني, أو نتيجة العرف ,أو طبقاً لمفهوم القانون الطبيعي وقواعد العدالة ,حيث ورد في المادة الأولى من القانون المدني السوري في معرض هذا السياق باب الحق والقانون :
(1- تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها أو في فحواها.
2- فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية , فإذا لم يجد فبمقتضى العرف ,وإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة)
من هنا نستطيع القول أن لكل حق قانون يحميه ويضمن لصاحبه حمايته , وفي حال التعدي عليه يمكن اللجوء إلى القضاء لإزالة هذا التعدي وطلب التعويض عما لحق صاحب هذا الحق من ضرر ,فقد نصت المادة /52/ من القانون المدني على ما يلي:
(لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق الملازمة لشخصيته,أن يطلب وقف هذا الاعتداء مع التعويض عما لحقه من ضرر).
وقد فرق القانون المدني بين الحقوق المادية ورسم طريقاً واضحاً لحمايتها , وأشار إلى الحقوق الغير مادية في القوانين الخاصة حيث ورد في المادة /89/ منه :
(الحقوق التي ترد على شيء غير مادي تنظمها قوانين خاصة).
وحتى لا يكون لصاحب الحق استعماله بدون ضوابط ,فقد ميز المشرع بين الاستعمال المشروع للحق وحمى صاحبه, والاستعمال الغير مشروع وألقى المسؤولية عليه,فقد ورد في المادة /5/ من القانون المدني:
(من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً ,لا يكون مسؤولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر)
وبين في المادة/6/ منه أن الاستعمال غير المشروع يكون في الحالات الآتية:
(أ-إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير. ب- إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية,بحيث لا يتناسب البته مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها. ج- إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة).
فعندما ينحرف صاحب الحق عن السلوك المألوف للشخص العادي في استعمال حقه يعتبر تصرفه خطاءً يستوجب المسؤولية .يصبح متعسفاً باستعمال حقه ,فمن يقود سيارته فوق الأرصفة أو بسرعة زائدة أو خلافاً للقوانين والأنظمة ويهدد غيره بالخطر يعتبر مخطئاً في استعمال هذا الحق و يستوجب المسؤولية ,ومن يستعمل هاتفه للتخطيط لجريمة ولتحقيق غايه غير مشروعة ,يكون أخطأ في استعمال هذا الحق واستوجب المسؤولية ,ومن يبني جداراً في أرضه ليستر نفسه وعائلته فقد مارس حقه ,ويختلف الحال عندما يبني الجدار ليحجب النور ويمنع الهواء عن جاره,وعليه يمكن القياس لكل حق من الحقوق .
وبالنتيجه يمكن أن نقول إن استعمال الحق بالوجه المشروع يعطي للشخص صفته الإنسانية المثقفة الحضارية الواعية,ويبعده عن شكوى الناس ويحفظ له حريته وكرامته ,وهو ما قصدته من هذه الكلمات الموجزة وصدق من قال :
(رحم الله امرءاً عرف حده فوقف عنده ) والله أعلم.