كمبوتة
مؤسس المنتدى
عدد الرسائل : 11984 نقاط التميز : 10 نقاط : 84084 تاريخ التسجيل : 14/02/2009
| موضوع: للصلاة حكم نفسية وأخرى خلقية واجتماعية الأربعاء أبريل 22, 2009 11:07 pm | |
| للصلاة حكم نفسية وأخرى خلقية واجتماعية الشيخ السيد سابق، إسلامنا، دار الكتاب العربي، بيروت، ص 116 - 119 . ، ففيما يتعلق بالجانب النفسي ، فإن الصلاة مناجاة تشعر المرء بقرب الله ، فتتيقظ قواه الروحية ، وتقوى عزيمته ، وتشتد إرادته ، كما أن الصلاة بهذه المثابة تنتزع النفس من ماديات الحياة وآلامها ، فيتوجه الإنسان إلى الله خاضعا لكبريائه ، فتصفو النفس
(الجزء رقم : 34، الصفحة رقم: 194)
وتخلد إلى السكينة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لبلال رضي الله عنه " رواه الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه . أقم الصلاة أرحنا بها . ويقول رواه الإمام أحمد في مسنده والنسائي في سننه . وجعل قرة عيني في الصلاة ، وفيما يتعلق بالحكم الخلقية للصلاة ، فإن الصلاة وسيلة التطهر . قال تعالى: سورة الأعلى الآية 14 قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى سورة الأعلى الآية 15 وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى . والصلاة مبعث الضمير الحي ، قال تعالى سورة العنكبوت الآية 45 إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ، والصلاة تحول دون الهلع والجزع . قال تعالى: سورة المعارج الآية 19 إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا سورة المعارج الآية 20 إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا سورة المعارج الآية 21 وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا سورة المعارج الآية 22 إِلَّا الْمُصَلِّينَ سورة المعارج الآية 23 الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ . ومن الحكم الاجتماعية للصلاة ، أنها تخلق من المسلم خلية حية تنتج للمجتمع ، وهي تهيئ سبيل الاجتماع بين المصلين ، فتقوي الروابط الاجتماعية ، وتنمو المساواة الحقيقية ، وتنتفي فوارق اللون والثراء والدم بين الناس ، طالما كان المؤمن مقبلا على صلاته بوعي ويقظة وخشوع قال تعالى: سورة المؤمنون الآية 1 قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ سورة المؤمنون الآية 2 الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ . كذلك تتجلى الحكمة في ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم ، في أن الأسباب التي كانت تستلزم إرسال الأنبياء قد زالت بمجيء نبي الهدى والرحمة صلى الله عليه وسلم ، فالقرآن الكريم محفوظ بحول الله وقدرته ولن يمسه تحريف أو نسيان أو تغيير مثلما حدث للكتب السابقة . والهداية الإسلامية باقية حية مصونة وستبقى إلى أبد الدهر ، ولم تتوقف بسبب النسيان والتحريف الذي حدث للأديان السابقة ، كذلك فإن الله تعالى قد أكمل دينه بواسطة محمد صلى الله عليه وسلم ، وليس بعد الكمال المطلق من كمال آخر ، وليس الكامل في حاجة إلى ما يؤيده أو يعضده ، لذا
(الجزء رقم : 34، الصفحة رقم: 195)
" كانت نبوة محمد صلى الله عليه وسلم خاتمة للنبوات ، لأنه بعث للناس كافة إلى أن تقوم الساعة . . . . وإذا كانت رسالته عامة لكل الناس ، فلا بد أن تكون شريعته كاملة شاملة لمصالح البشر ، لا يحتاج معها إلي شريعة أخرى وبعثة نبي آخر" كما قال الله تعالى: سورة المائدة الآية 3 الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ( المائدة : من الآية 3 ) .
وارتباط الخشوع بشكر المنعم كمظهر آخر من مظاهر حكم الصلاة يقتضيه ما يحققه إقام الصلاة من عبادة مثلى لله ، والعبادة هي الحكمة من خلق الجن والإنس ، فهم بالصلاة يستجيبون لشكر الله سورة النمل الآية 40 وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ، وللمسلمين في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة في الشكر ، ففي الصحيحين عن المغيرة بن شعبة أنه قال: صحيح البخاري تفسير القرآن (4836) ، صحيح مسلم صفة القيامة والجنة والنار (2819) ، سنن الترمذي الصلاة (412) ، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1644) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1419) ، مسند أحمد بن حنبل (4/251). قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه . فقيل له غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، قال: أفلا أكون عبدا شكورا وعن عائشة رضي الله عنها قالت: رواه البخاري ومسلم كذلك في صحيحيهما . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال: أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا .
الصلاة إذن شكر للمنان واعتراف بفضل الديان وانقياد واستسلام لإرادة الواحد الأحد ، انقياد قوامه التصديق واستسلام أساسه الإيمان العميق ، نأيا عن الشرك واقترابا من لوازم التوحيد مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم في صحيحه: بكتاب الإيمان. باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة. بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة . فعند ما تشرق أنوار هداية الله ، تستجيب الفطرة ،
(الجزء رقم : 34، الصفحة رقم: 196)
ويستقيم العقل ويتفكر المسلم في ملكوت السماوات والأرض ، ويعي مقدار نعم الله على عباده . ، بإيمان راسخ ويقبل الإنسان على "ربه وجلا خاضعا خاشعا مسكينا ذليلا ضارعا " . وعندئذ تتحقق أعظم حكم الصلاة ، فيمن يقيمون الصلاة . فالخاشع . المقيم للصلاة يستجيب لفطرة الله ، فلا يعبد إلا إياه ، فإن كان أبوا الإنسان قد خرجا به عن فطرة التوحيد ، فعليه أن يتدبر حكم الصلاة ، التي لا يسجد فيها إلا لله وأنه لا يسجد لبشر أو مخلوق أيا كان ، ولا ينحني مجرد الانحناء لأي إنسان ، بل يسجد لله الذي خلقه من العدم ، وأفاء عليه من صور الكمال ما يعجز الإنسان عن وصفه ، سمعا وبصرا وحسا وفؤادا وعقلا وجسدا وتكفل بالرزق والأمن ، عندئذ سيعرف أنه لا سبيل له سوى سبيل الله ويقيم له الصلاة في خشوع يتفق مع مقدار نعم الله . فلا تكون صلاته مجرد حركات خالية من المضمون العقدي .
وفي ربط هذه النعم بحكم الصلاة يقول ، بعض الفقهاء "من منا يستطيع أن يسير جسده وحده بدون فضل الله . قلبك الذي لا تملك منه شيئا لا يزال يدق ويدق السنوات الطوال ، فهل تملك من دقاته واحدة . وتنفسك في قدرتك شيء من التحكم فيه ، لكنها قدرة لا تلبث أن تسهو وتكل وتسلمه إلى صاحب النعمة العظمى ، فتنام وتستيقظ وصدرك يعلو تارة وينخفض أخرى برتابة محكمة ونظام دقيق . بصرك نعمة كبرى وصيانته والمحافظة عليه نعمة أكبر ، غدد تدمع ، وأجفان تمسح ، ورموش تدفع . وسمعك كذلك نعمة تحتاج إلى حارس من عدو يقتحم فيتلف ، فكان الخلق المحكم ، وما تفرزه الأذن من مادة
(الجزء رقم : 34، الصفحة رقم: 197)
صمغية طاردة للعدو نعمة أخرى ما تزال تتجدد . ولسانك الذي في فيك قطعة من اللحم لينة لا يعتريها اهتراء ، وقوية لا تؤذي ، تلوك الطعام يمنة ويسرة ، وتخرج الحروف حرفا حرفا ، هو نعمة كبرى ومع ليونته ورقته لا يبلى فهو نعمة متجددة" لذا كانت "الصلاة شكرا لله واعترافا بفضله وانقيادا لحكمه واستسلاما لإرادته وتوحيدا لألوهيته د. فهد بن عبد الرحمن بن سليمان الرومي، الصلاة، المرجع السابق، ص 52 ، 53. وربوبيته وتصديقا لوعده وإيمانا بقدرته . . . تلكم هي حكمة الصلاة العظمى"
وهكذا تتجلى للمؤمن بعض مظاهر حكمة الصلاة ، في شتى المجالات ، لا سيما ما تعلق منها بنفس الإنسان وأخلاق العبد ، وضمير الجماعة ، ولكن حكم الصلاة لا تقف عند حد الهدي النفسي والخلقي والاجتماعي ، وإنما تتسع لتشمل كل حكم الدين ، لأنها كما يقول الإمام أحمد رحمه الله "أول فريضة فرضت ، وهي آخر ما أوصى به صلى الله عليه وسلم أمته ، وآخر ما يذهب من الإسلام . وهي أول ما يسأل عنه العبد من عمله يوم القيامة وهي عمود الإسلام . وليس بعد ذهابها دين ولا إسلام " . لذا فإنها تحتاج إلى مطلق الخشوع شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، آداب المشي إلى الصلاة، ضمن المرجع السابق، ص 81، 87 . . وهو أعظم ما يكون في صلاة الجماعة التي من فوائدها "التعارف والتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر عليه . . . وإغاظة أهل النفاق . . . وإظهار شعار الله بين عباده ، والدعوة إليه سبحانه بالقول والعمل " سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، ثلاث رسائل في الصلاة - 2- ضمن المرجع السابق، ص 133. وبذا تتجلى حكمة الصلاة في اطمئنان الإنسان إلى أنه أدى أمانة الله بصدق وإخلاص ، اعترافا بحق الخلاق العليم ، وتأكيدا لشكر المنعم الكريم ، وإفصاحا "عما ينطوي عليه القلب من محبة لله وتقدير" الشيخ عبد الرءوف الحناوي، لماذا أصلي، ضمن المرجع السابق، ص 181 . .
(الجزء رقم : 34، الصفحة رقم: 198)
وانطلاقا من تلك الحكم يكون الخشوع في الصلاة علامة الفلاح سورة المؤمنون الآية 1 قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ سورة المؤمنون الآية 2 الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ، وتكون المحافظة عليها من عوامل الاستقامة والصلاح سورة العنكبوت الآية 45 إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ، وإقامتها من أسباب الرحمة سورة النور الآية 56 وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ . وزيادة الفضل للمصلين سورة فاطر الآية 30 وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ باعتبار أنها يسيرة بالنسبة للخاشعين دون سواهم سورة البقرة الآية 45 وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ومكفرة للسيئات ومدخلة الجنات سورة المائدة الآية 12 لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ . | |
|